موسوعة الإمام علي صوت العدالة الإنسانية
mousoua'ah alimam a'li sout ala'dalah alinsaniah
تأليف: جورج جرداق
سعر السوق: 120.00$
النوع: كرتون مقوّى، 24×17، 1572 صفحة الطبعة: 1 مجلدات: 5
الناشر: دار ومكتبة صعصعة تاريخ النشر: 1423 هـ ـ 2003 م
اللغة: عربي
قالوا في هذا الكتاب
الأستاذ ميخائيل نعيمة:
من حقّك أن تعتزّ بهذا الأثر الأدبّي القيّم. وإنّ القاري لا يستطيع أن يمرّ بفصوله من غير أن يحسّ ثورةً في نفسه ضدّ النُّظُم الفاسدة التي حمل عليها عليّ حملات شعواء والتي ما تزال قائمة حتى يومنا هذا. وحسبُك ثواباً على كتابك أن تُطلقه صرخةً ضدّ الظلم وشهادةً للعدالة. ويقيني أن هذه الصرخة ستتجاوب لها أصداء في دنيا العرب.
ثم كتب يقول في رسالة ثانية:
منذ سنة أصدرتَ في مجلّد ضخم دراستك الممتازة عن الإمام علي ـ صوت العدالة الإنسانية ـ وكأنّي بقلمك، مِن بعد أن مسحَته من تلك الدراسة، عاد فثار عليك لأنك لم تفسح له المجال ليفرغ كلَّ ما في نفسه. وقد أحسنتَ إذ أذعت لثورة قلمك، فكانت هذه «الموسوعة العلوية» الجديدة في أجزائها الخمسة.
هنالك عِظام يثيرون إعجابك لا أكثر. وعظام يثيرون إعجابك وإجلالك. أمّا الذين يستأثرون بمحبّتك فوق استئثارهم بإعجابك وإجلالك فأولئك هم العِظام العظام. وأنت تشعر في حضرتهم بأنك تريد أن تأتمنهم على قلبك وعقلك وروحك وجميع ما هو عزير ومقدَّس في حياتك. إنهم يكشفون لك من نفوسهم مناهلَ لكلِّ ظمأ في نفسك، ويبسطون من الزاد أشهاه لِما جاع في وجدانك، ويقيمون المنارات للعتمات في طريقك. والأهمّ من ذلك أنهم لا يقولون عكس ما يفعلون، ولا يفعلون نقيض ما يقولون. فحياتهم صورة صادقة لِما تبوح به ألسنتهم وتذيعه أقلامهم، إذا كانت لهم أقلام. وأنتع لا تحبّهم إلاّ لأنّ كلّ ما يصدر عنهم مفعم بالمحبة لك. وعليّ بن أبي طالب واحد من أولئك العِظام العِظام.
وأنته، يا أخي، إذ تُقبل على درس حياة الإمام فتبلغ بها المجلدات الخمسة، إنّما تيسّر لأبناء هذا الجيل أن يعرفوا مثلَ ما عرفتَ فيحبّوا مثلما أحببت عظيماً أنبتته أرضُهم وأرضعته لغتُهم منذ عشرات الأجيال ـ ولا يزال في الطليعة. لعلّهم بجماله يتجمّلون، وبنوره يستنيرون، و بخساساتهم في وهج عظَمتِه يخجلون!
ـ مؤلف هذا الكتاب العملاق الرائد، أديب كبير عالميّ المستوى، وصاحب فكر عبقري، وقلم شاعريّ ساحر أخّاذ. وهو ذو دراية عميقة واسعة بالتراث العربي من جهة، وعلى استيعاب موسوعي شامل لسائر جوانب الثقافة العالمية من ناحية أخرى، تجتمع في شخصه روح الشاعر والموسيقى والرسام والفيلسوف، وتجمع كتاباته كل مميزات هؤلاء، تجمع كل أحلامهم وآمالهم، وكل مات يعيشونه من أفكار وتأملات.مجلة «الطليعة» المصرية
العدد 4 ابريل 1965
بين جرداق والعقاد وطه حسين
وكتب الشيخ محمّد جواد مغنية رئيس المحكمة الجعفرية العليا بلبنان: مَن قرأ كتابَي عباس محمود العقاد والدكتور طه حسين في عليّ، ثم قرأ هذا الكتاب ولا سيّما «عليّ والعدالة الكونية، وعليّ وسقراط»، يأخذه العجب أيّ مأخذ: كيف ذهب صيتُهُما إلى أبعد ممّا ذهب إليه صيتُ جورج جرداق! ولا يزول هذا العجب إلاّ عندما نعرف أن جورج جرداق ما يزال في شبابه، وفي أول الطريق !
كتَبَ العقاد وهو يؤمن بأرستقراطية الأنساب. وكتب طه حسين وهو يسرد سيرةً سرداً منظّماً بطريقته المعروفة. أمّا جورج جرداق فيسير في كشفه عن الحقائق، وفي تخليلها وعرضها، يسير مع الصواريخ الموجّهة وينطلق مع الأقمار الصناعية ويدع العقّاد وطه حسين في سيارة تدور في ملتوى الطريق وتلفّ في منعطف الوادي تصويباً وتصعيداً.
إنّ عظمة مؤلِّف «الإمام عليّ» تتّفق تماماً وعظمةَ عصرنا هذا، عصر انتصار الفكر والمعرفة. اقرأ كتابه هذا فستجد من نفسك اقتناعاً بهذه الحقيقة وهل يستطيع أن يعرض عليك حقيقةَ العظمة في الإمام عليّ بجميع نواحيها وصُوَرها، دون أن يكون عظيماً! كلاّ، إن فاقد الشيء لا يعطيه!
لم يلقَ كتابٌ عربيّ حتى الآن، من الاقبال عليه والاهتمام به، ما لقَيه هذا الكتاب الذي طُبع مراراً وتُرجم إلى لغات عدّة في أقلّ من سنة واحدة. ولم يُحدِث كتابٌ عربيّ في القرن العشرين، الضجّةَ التي أحدثها هذا الكتاب الذي قيل فيه إنّه سيطوّر النظرة العربية إلى تاريخ العرب وإلى حاضرهم تطويراً عميقاً. وقد رأت هذه «الدار» أن تُثبت في خاتمة هذا الكتاب نماذج قليلة من آراء العلماء والأدباء والقراء فيه، للفائدة والتاريخ. وإن هذه ا«الدار» إذا تقدّم للشعوب العربية والشرقية هذا الكتاب العبقريّ الذي تجتمع فيه النظريات الفلسفية العميقة، إلى الدراسة التاريخية الموضوعة تحت أنوار ساطعة جديدة، إلى الشاعرية المبدعة الخلاّقة، إلى الأسلوب الساحر الجذاب الذي قلّما يجاريه أسلوبٌ قديمٌ أو حديث، إلى النّفَس الطويل القويّ الذي يُنهي الألوف من الصفحات بالقوّة التي يبدأها بها، تُعاهِدُ قرّاءها على أن تستمرّ في أن تقدّم لهم كلَّ رائع من آثار الفكر العربي والعالمي التي يحتاج إليها العرب اليوم أشدَّ الحاجة.
الناشرون
عبقرية يفخر بها العرب
وممّا كتبه الاستاذ إحسان توفيق ـ مصر:
عرفتُ جورج جرداق لأول مرّة في سهرة على شاطىء بيروت، فخلتُ أنني أجالس شاعراً وموسيقيّاً ورسّاماً وفيلسوفاً مجتمعين في شخص واحد. ففي شعر جرداق كلُّ ممّيزات هؤلاء، وفي صوته العميق كلُّ أحلامهم، وفي عينيه كلُّ ما يعيشونه من أفكار وأحاسيس وجمالات.
وقرأتُ كتابه الأول «فاغنر والمرأة» فثبتت لي صحّةُ ما رأيت. وتمثّل لي جرداق في كلّ سطر من سطوره، وفي كل عبارة مِن أسلوبه الساحر الفريد الذي يستولي على مشاعر القارىء المثقّف بما فيه من صُوَر وألوان وأنغام تختلف بين الرقة والحنان والصَّخَب والعُنف.
ثم قرأتُ «الإمام علي» فإذا جرداق يبسط جناحيه في آفاق أوسع أرحب، وإذا بي أشعر بأنّي أمام عبقريّة من حق العرب أن يفخروا بها
... وفي هذا الكتاب، تبدو شخصيّة عليّ بن أبي طالب غير الشخصيّة التي ألِفنا معرفتَها عن طريق جميع الذين درسوا عليّاً مِن القدماء والمعاصرين!
النيل والفرات:
إن تاريخنا هو صفحات رائعة من الإشراق الإنساني العظيم تشرفنا كمسلمين وكعرب، كما تضيف شرفاً إلى تاريخ الإنسان. وقد صنع هذا التاريخ عظماء لنا فيهم وفي حياتهم معين لا ينضب من الخبرة والعبرة والإيمان والأمل، فهم القمم التي نتطلع بشوق ولهفة إليها.
وهذا الكتاب هو مكرس لحياة عظيم من عظماء البشرية، أنبتته أرض عربية، ولكنها ما استأثرت بهن وفجّر ينابيع مواهبه الإسلام، وكان لحياته الفذّة أن تلهب روح كاتب مسيحي في لبنان، وفي العام 1956، فيتصدى لها بالدرس والتمحيص والتحليل، ويتغنى تقني الشاعر المتيم بمفاتنها ومآثرها وبطولاتها. وبطولات الإمام ما اقتصرت يوماً على ميادين الحرب، فقد كان بطلاً في صفاء بصرته، وطهارة وجدانه، وسحر بيانه، وعمق إنسانيته، وحرارة إيمانه، وسموّ دعته، ونصرته للمحروم والمظلوم من الحارم والظالم، وتعبده للحق أينما تجلّى الحق. وهذه البطولات، ومهما تقادم بها العهد، لا تزال مقلعاً غنياً نعود إليه اليوم وفي كل يوم كلما اشتد بنا الوجد إلى بناء حياة صالحة، فاضلة.
إنه يستحيل على أي مؤرخ أو كاتب، مهما بلغ من الفطنة والعبقرية، أن يأتيك حتى في ألف صفحة بصورة كاملة لعظيم من عيار الإمام علي، ولحقبة حافلة بالأحداث الجسام كالحقبة التي عاشها. فالذي فكّره وتأمله، وقاله وعمله ذلك العملاق العربي المسلم بينه وبين نفسه وربما لِممّا لم تسمعه أذن ولم تبصره عين. وهو أكثر بكثير مما عمله بيده أو أذاعه بلسانه وقلمه. وإذ ذاك فكل صورة نرسمها له هي صورة ناقصة لا محالة، وقصارى ما نرجوه منها أن تنبض بالحياة.
إلا أن العبرة في كتاب من هذا النوع هي في تفحص ما اتصل بنا من أعمال علي وأقواله، ثم في تفهمه تفهماً دقيقاً، عميقاً. ثم في عرضه عرضاً تبرز منه صورة الرجل كما تخيله المؤلف وكما يشاء أن تتخيله، واليقين أن جورج جرداق، مؤلف هذا السفر النفيس، ربما في قلمه من لياقة، وما في قلبه من حرارة، وما في وجدانه من إنصاف، قد نجح إلى حد بعيد في رسم صورة لابن أبي طالب لا تستطيع أمامها إلا أن تشهد بأنها الصورة الحية لأعظم رجل عربي بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
إذن فهذا هو النص الكامل لهذا السفر الذي أعدّه الأديب الكبير جورج جرداق عن الإمام علي بن أبي طالب. وحيث أن الكتاب الذي صدر منذ حين وحدث ضجة كبرى إذ تلقته الملايين من القراء بالإعجاب والإكبار، وترجم إلى اللغات الفارسية والهندية والإنكليزية، ونقول، وبسبب ذلك كله دفع المؤلف بهذه الدراسة الموسوعية بكاملها للنشر. وهنا لا بد من إثبات فصولها جميعاً بالترتيب الذي وضعه لها أصلاً قصد التدرج المنطقي بالبحث، مما اقتضى بالضرورة أن يبدأ الجزء الأول من هذا السفر ببعض الفصول التي نشرت في الكتاب التمهيدي السابق ولا سيما الفصول الأولى التي تعتبر إطاراً تاريخياً لا بد من الاستهلال به كي لا يبتر شيء من فصول هذه الموسوعة. أضف إلى ذلك أن هذه الفصول ذاتها منقحة وموسعة ومضاف إليها كثير من البحث والرأي الجديدين، مما يوجب إثباتها، وبعد ذلك تبدأ في هذا الجزء بالذات، الأبحاث الجديدة التي تنشر لأول مرة وتستمر حتى آخر أجزاء هذا السفر.
أما ما يحتويه هذا السفر من الأبحاث الجديدة في أدب الدراسات العلوية، فقد أشار إليه المؤلف في مقدمته الراثية، ومنها الأبحاث القيمة التي تستهدف الكشف عن تماسك شخصية الإمام علي. والمقابلة الممتعة بين الإمام علي وسقراط عظيم فلاسفة اليونان، في فلسفة الأخلاق وما إليها. ثم ما يمثله عليّ من أسباب العدالة الكونية الشاملة القائمة بذاتها. وتتبع معنى (الإنسان) في إنسانيات العصور جملة تمهيداً لتجلية هذا المعنى عند أبي طالب، ولمقابلة بين علي ومفكري العصور في أكثر من جانب إبرازاً لمكانة هذا البطل العظيم العربي المسلم بين أولئك الأبطال، ثم ذلك البحث الخلاق الذي يضع المبادئ العلوية موضع المقابلة مع مبادئ الثورة الفرنسية الكبرى بنصوصها الكاملة، وهو من أعمق وأدق الأبحاث التي عالجها أديب عربي حتى الآن. تليه أبحاث واسعة في موضوع الإمام علي والقومية العربية.
من هذه الدراسات الجديدة أيضاً بسط أحوال الناس بكل طوائفهم في عصر الإمام علي وفي ما تلاه من عصور بسطاً مبنياً على نظر جديد في دراسة تاريخنا، ثم أتى الإمام علي في تاريخ الأدب العربي وفي توجيه الروح العربي. تلى ذلك أبحاث واسعة في معنى التشيع في تاريخ الشرق والرد على المؤلفين الذين بحثوا هذا الموضوع بأسلوب تقليدي متوارث لم يُجلّ حقيقة. ومنها تلك الفصول التي ينتقد بها المؤلف أسالب الباحثين العرب والأجانب عندما يعالجون القضايا الهامة في أحداث التاريخ العربي ويفسرون أخباره. ثم استعراض لجميع المؤلفات التي وضعت عن علي في لغة العرب ولغات الأجانب.
___________________________________
المقدمة
يرى المؤلف في المقدمة الأدبية الرائعة التي قدم بها كتابه، أنّ في تاريخ الشرق، كما هي الحال في تاريخ البشر جميعاً، غزاة ومجرمين وأغبياء وتافهين، شاء منطق العصور القديمة والمتوسطة أن يجعل منهم في حياتهم ملوكاً وقادة، وأن يصنع منهم بعد هلاكهم أبطالاً وعظماء. لذلك جاء هو بهذا الكتاب ليعلّم فيه بشخصية عظيمة حقّاً، وليثبت أن في تاريخنا أيضاً صفحات رائعة من الإشراق الإنساني العظيم تشرّفنا كعرب، كما تضيف شرفاً جديداً إلى تاريخ الإنسان. وإنّ مثل هذه الصفحات المشرقة في تاريخنا تؤهلنا لأن نعيد النظر في أنفسنا من جديد، تحطيماً للكثير من القيود التي كبّلتنا في عصور الظلمات الطويلة، وتمجيداً للبطولة الحقيقية التي هي بطولة فرد من الأفراد، أو جيل من الأجيال، في سبيل الإنسانية بأسرها.
أقسام الكتاب
وقد قسم جورج جرداق دراسته العظيمة هذه إلى خمسة مجلدات خصّ كلاً منها بموضوع قائم بذاته، وإن كان يصبّ في النهاية في التيار الواحد لموضع الدراسة الرئيسي.
علي وحقوق الإنسان
بدأ المؤلف دراسته في كتاب «علي وحقوق الإنسان» مستشهداً بعديد من النصوص التي وردت على لسان الإمام نفسه، ثم واصل كتابته الرائعة عن الطبقية المادية في الناس موضحاً أنّ عليّاً رأى أنّ هذه الطبقية تؤدي إلى غايات منكرة من الجمود في العقل، والخبث في النفس، وإلى التعسف والنكاية، والفجور في الحكم، وإلى الاجرام البشع من الجانب المنكب على طلب الجاه والثروة، ثم إلى البعض والحسد في الجانب الآخر الذي يذهب جهده لسواه. وفي الجانبين تستقرّ العوامل المؤدية في النهاية إلى انهيار المجتمع حتى أن طبقتَي المجتمع هاتين ما هما إلاّ فكّان طاحنان تنسحق بينهما الحقوق والكفاءات وتتمزق الضحايا.
إنّ المجتمع في نظر علي بن أبي طالب، كما نراه في هذا الكتاب، جسد واحد لا يجوز أن يجمع المتناقضات وأن يقوم نظامه على التفاوت في الحقوق والواجبات. لا يجوز في مجتمع علي بن أبي طالب أن يتخم عضو ويجوع آخر، وأن يعمل عضو وتعود المكافأة بالأرزاق على غير العوامل.
http://arab-unity.net/up/view.php?file=60d26487de
علي والثورة الفرنسية
بعد أن ينهي المؤلف دراسته الرائعة الواسعة للمجتمع في كتاب «علي وحقوق الإنسان»، يقوم في المجلد الثاني بعرض مقابلته الهامّة بين مبادىء الثورة الفرنسية وما تحمله من الأسس العامة لحقوق الإنسان الطبيعية، وبين تعاليم عليّ وما تحمله من مثل هذه الأسس. وقد أعطى المؤلف في الفصول الأولى من هذا المجلّد صورة رائعة جداً عن حركة الإنسانيات القديمة والمتوسطة والحديثة في اتجاهها البطيء الحازم نحو حماية الإنسان من الظلم والعبودية، ونحو تحريره.
ومجلد جورج جرداق الثاني هذا، علي والثورة الفرنسية، إنّما يوضح بكلّ جلاء، وبأبدع بان يمكن للقلم في هذه الدنيا أن يجري به، أنّ المبادىء التي عاشها أدباء الإنسانية ولم تأخذ صيغتها القريبة من الكمال إلاّ في عقول أدباء الثورة الفرنسية الكبرى وفي قلوبهم، إنّماه هي مبادىء فكَّر بها منذ أربعة عشر قرناً عملاق العقل العربي علي بن أبي طالب، وصاغها صياغة صريحة تعلن عن نفسها جوهراً في كل حين، ونصاً وجوهراً في أكثر الأحيان.
http://arab-unity.net/up/view.php?file=eaa23c2192
علي وسقراط
بدأ المؤلف مقابلته الممتعة في المجلد الثالث «علي وسقراط» بذكر نصّين محورين في مبدأ كل من علي وسقراط. ثم قسم وجوه الشبه بين الرجلين قسمين رئيسيين: الأول عام، والثاني خاص.
وبعد دراسة طويلة شيقة عميقة، ينتهي المؤلف إلى هذه النتيجة، وهي أن الفضائل في مذهب كل من الحكيمين، حكيم أثينا وحكيم الكوفة، لها غاية أساسية واحدة هي: إسعاد الفرد والجماعة بالخير، وإرساء المسلك البشري على قواعد ثابتة من معرفة الحقّ التي هي اساس كل فضيلة، والدليل إلى الخير.
http://arab-unity.net/up/view.php?file=644adacd69
علي وعصره
يبدو طابع التاريخ السياسي بالمعنى المحدد لهذه الكلمة اكثر وضوحاً في المجلد الرابع «علي وعصره» الذي يعرض فيه المؤلف كل الصراعات والقضايا المتشابكة التي عجّ بها ذلك العصر. وقبل أن يستعرض تفاصيل المؤامرة الكبرى ضد عليّ، يلقي الأضواء على حقيقة ا لبيت الأموي صاحب المبادرة في هذه المؤامرة، كما يقدم مقابلة هامّة بين نفسية الأمويين ونفسية خصومهم، وهما قطبان أساسيان من أقطاب الصراع بذلك العصر، في تلك الحقبة البعيدة.
ومن أهم ما جاء في هذا المجلد: التقييم الذي وضعه جورج جرداق لحقيقة الإسلام من النانحية الاجتماعية، ثم لموقفه الثوري من نظام عصره وأحوال المستبدين والوجهاء، والمستعفين والفقراء. وفي ذلك يرى المؤلف أنّ الإسلام كان باعثاً على يقظة عظيمة بعد غفلة عاش فيها العرب أجيالاً طوالاً.
وإنّه ما تمكّن وانتصر إلاّ لأ نّه كان ثورة اجتماعية في الدرجة الأولى، أبرز ما فيها ذلك النظر الكثير الذي نظره الإسلام في حال الطبقات غنيّها وفقيرها، ظالمها ومظومها، فاجتثّ من أسباب التفاوت الطبقي ما تقبله المرحلة التاريخية التي كان فيها يومذاك، وما يقبله الإطار المكاني كذلك. وخفّف من وطأة الاستغلال على العرب ما هو في نطاق زمانه. ويرى المؤلف أنّ العهد الأول القصير من عهود الإسلام كان من أغنى عهود الإنسانية في شرف النفس والضمير، وفي المشاعر الحية التي تجعل من الإنسان وحدة كاملة تحس وتفكر وتقول وتعمل فلا تجد العمل والقول والتفكير والاحساس إلاّ وحدة لا تتجزأ، ثم في الإخلاص لمبادىء تلك الثورة الاجتماعية إخلاصاً يبلغ حدّ التضحية في أغلب الأحيان.
ويعرض المؤلف في هذا المجلد الرابع. تاريخاً دقيقاً مستفيضاً للمؤامرة في الاسلام، ويعالج معاجلة تحليلية فاحصة حادث مقتل الخليفة عثمان بن عفان، كما يسرد بالتفصيل قصأ المؤامرة الكبرى على الإمام عليّ. ويرى المؤلف انّه من الخطر على التفكير السليم بالنسبة للتاريخ الإسلامي أن ينشأ في بلادنا من يعللون الحوادث العامة الكبرى المتصلة اتصالاً محكماً وثيقاً بطبيعة الجماعة وأسس الانظمة الاقتصادية والاجتماعية، بإرادة فرد من الأفراد. ويبدي كذلك استغرابه من وقوع الباحث أحمد أمين في مثل هذا الاغلاط، خاصة حين رأى في أبي ذر الغفاري مجرد رجل ساذج يقوده عبدالله بن سبأ ويغريه باراء مزدكية يعينه على خراب البلاد، وكأن ضرورة وضع حدّ لفجور الأغنياء وبؤس البؤساء رأي مزدكي وليس رأياً إسلامياً وموقفاً إنسانياً خالصاً.
وفي ختام هذا المجلد، يحكي المؤلف في أسلوب ملحمي رائع، وفي إحساس أدبي نادر المثال، مصرع الإمام عليّ.
http://arab-unity.net/up/view.php?file=10c94c6b33
علي والقومية العربية
يرى المؤلف العبقري جورج جرادق، أنّ أعظم ما قدمه علي بن أبي طالب للقومية العربية، هو توجيهه السياسة لمصلحة الشعب وحده، وأنّ أول المبادىء العلوية التي خدمت القومية العربية، وتخدمها في كل عهد من عهودهاِ، وفي كل حركة من حركاتها، هو تعطيل كل مبدأ وكل فكرة تؤول إلى الاستبداد السياسي.
ولعل أروع ما مهر به علي القومية العربية، وعبر به عن خفايا الصفات الإنسانية في الشخصية العربية هو، في نظر جرداق، الكشف عن مبدأ ثورية الحياة وقابلية الأحياء للتطور والانتقال من حال إلى حال، ثم التعبير عن هذا المبدأ تعبيراً صريحاً لا يحتمل التأويل، والعمل الواضح على هذا الأساس. واستناداً إلى هذه النظرة التطورية، يكون كل ما لدى الإنسانية من عقائد ونظريات وفلسفات وأنظمة وشرائع ومعارف، مراحل تعليمية تمهّد لما بعدها، ولا يمكنها أن تأخذ صفة الدوام المطلق والبقاء السرمدي.
أما أروع ما في هذا المبدأ الذي كشف عنه المؤلف في شخصية الإمام عليّ، فهو أنّه يرى أنّ هذه الثورية الدافعة إلى التطور أبداً، إنّما هي ثورية خيّرة تنقل البشر أبداً من حال إلى حال أفضل. إن مبدأه هذا يوحّد ثورية الحياة وخير الوجود روحاً ومعنى. وفي كلمة واحدة: الثورية في المبدأ العلوي وكما يكشف عنها المؤلف الفذ، هي تطور لا يهدأ في سبيل الخير.
وفي ما يتعلق بعليّ والقومية العربية عموماً، فإنّ في عصرنا هذا الذي بلغ فيه تعاون الشعوب في الوحدة الإنسانية الشاملة مبلغاً كبيراً، ما يلقي نوراً ساطعاً على عبقرية الخط العلوي في المفهوم القومي الإنسني الذي يعزّ القومية ويعطيها معانيها الصحيحة، على أنّها لبنة في صرح الإنسانية، أو ملامح شعب، بين مجموعة من الشعوب المتعارفة المتآخية. ذلك الخطّ الذي ربطه علي بأعمق ما في الشخصية العربية، وبأعمق ما في الشخصية الإنسانية، في أعماله البطولية التي تنطلق عن الروح العربية، وتهتدي بالكون، وتريد الإنسانية مسرحاً لها.
http://arab-unity.net/up/view.php?file=45bed8b5e9
mousoua'ah alimam a'li sout ala'dalah alinsaniah
تأليف: جورج جرداق
سعر السوق: 120.00$
النوع: كرتون مقوّى، 24×17، 1572 صفحة الطبعة: 1 مجلدات: 5
الناشر: دار ومكتبة صعصعة تاريخ النشر: 1423 هـ ـ 2003 م
اللغة: عربي
قالوا في هذا الكتاب
الأستاذ ميخائيل نعيمة:
من حقّك أن تعتزّ بهذا الأثر الأدبّي القيّم. وإنّ القاري لا يستطيع أن يمرّ بفصوله من غير أن يحسّ ثورةً في نفسه ضدّ النُّظُم الفاسدة التي حمل عليها عليّ حملات شعواء والتي ما تزال قائمة حتى يومنا هذا. وحسبُك ثواباً على كتابك أن تُطلقه صرخةً ضدّ الظلم وشهادةً للعدالة. ويقيني أن هذه الصرخة ستتجاوب لها أصداء في دنيا العرب.
ثم كتب يقول في رسالة ثانية:
منذ سنة أصدرتَ في مجلّد ضخم دراستك الممتازة عن الإمام علي ـ صوت العدالة الإنسانية ـ وكأنّي بقلمك، مِن بعد أن مسحَته من تلك الدراسة، عاد فثار عليك لأنك لم تفسح له المجال ليفرغ كلَّ ما في نفسه. وقد أحسنتَ إذ أذعت لثورة قلمك، فكانت هذه «الموسوعة العلوية» الجديدة في أجزائها الخمسة.
هنالك عِظام يثيرون إعجابك لا أكثر. وعظام يثيرون إعجابك وإجلالك. أمّا الذين يستأثرون بمحبّتك فوق استئثارهم بإعجابك وإجلالك فأولئك هم العِظام العظام. وأنت تشعر في حضرتهم بأنك تريد أن تأتمنهم على قلبك وعقلك وروحك وجميع ما هو عزير ومقدَّس في حياتك. إنهم يكشفون لك من نفوسهم مناهلَ لكلِّ ظمأ في نفسك، ويبسطون من الزاد أشهاه لِما جاع في وجدانك، ويقيمون المنارات للعتمات في طريقك. والأهمّ من ذلك أنهم لا يقولون عكس ما يفعلون، ولا يفعلون نقيض ما يقولون. فحياتهم صورة صادقة لِما تبوح به ألسنتهم وتذيعه أقلامهم، إذا كانت لهم أقلام. وأنتع لا تحبّهم إلاّ لأنّ كلّ ما يصدر عنهم مفعم بالمحبة لك. وعليّ بن أبي طالب واحد من أولئك العِظام العِظام.
وأنته، يا أخي، إذ تُقبل على درس حياة الإمام فتبلغ بها المجلدات الخمسة، إنّما تيسّر لأبناء هذا الجيل أن يعرفوا مثلَ ما عرفتَ فيحبّوا مثلما أحببت عظيماً أنبتته أرضُهم وأرضعته لغتُهم منذ عشرات الأجيال ـ ولا يزال في الطليعة. لعلّهم بجماله يتجمّلون، وبنوره يستنيرون، و بخساساتهم في وهج عظَمتِه يخجلون!
ـ مؤلف هذا الكتاب العملاق الرائد، أديب كبير عالميّ المستوى، وصاحب فكر عبقري، وقلم شاعريّ ساحر أخّاذ. وهو ذو دراية عميقة واسعة بالتراث العربي من جهة، وعلى استيعاب موسوعي شامل لسائر جوانب الثقافة العالمية من ناحية أخرى، تجتمع في شخصه روح الشاعر والموسيقى والرسام والفيلسوف، وتجمع كتاباته كل مميزات هؤلاء، تجمع كل أحلامهم وآمالهم، وكل مات يعيشونه من أفكار وتأملات.مجلة «الطليعة» المصرية
العدد 4 ابريل 1965
بين جرداق والعقاد وطه حسين
وكتب الشيخ محمّد جواد مغنية رئيس المحكمة الجعفرية العليا بلبنان: مَن قرأ كتابَي عباس محمود العقاد والدكتور طه حسين في عليّ، ثم قرأ هذا الكتاب ولا سيّما «عليّ والعدالة الكونية، وعليّ وسقراط»، يأخذه العجب أيّ مأخذ: كيف ذهب صيتُهُما إلى أبعد ممّا ذهب إليه صيتُ جورج جرداق! ولا يزول هذا العجب إلاّ عندما نعرف أن جورج جرداق ما يزال في شبابه، وفي أول الطريق !
كتَبَ العقاد وهو يؤمن بأرستقراطية الأنساب. وكتب طه حسين وهو يسرد سيرةً سرداً منظّماً بطريقته المعروفة. أمّا جورج جرداق فيسير في كشفه عن الحقائق، وفي تخليلها وعرضها، يسير مع الصواريخ الموجّهة وينطلق مع الأقمار الصناعية ويدع العقّاد وطه حسين في سيارة تدور في ملتوى الطريق وتلفّ في منعطف الوادي تصويباً وتصعيداً.
إنّ عظمة مؤلِّف «الإمام عليّ» تتّفق تماماً وعظمةَ عصرنا هذا، عصر انتصار الفكر والمعرفة. اقرأ كتابه هذا فستجد من نفسك اقتناعاً بهذه الحقيقة وهل يستطيع أن يعرض عليك حقيقةَ العظمة في الإمام عليّ بجميع نواحيها وصُوَرها، دون أن يكون عظيماً! كلاّ، إن فاقد الشيء لا يعطيه!
لم يلقَ كتابٌ عربيّ حتى الآن، من الاقبال عليه والاهتمام به، ما لقَيه هذا الكتاب الذي طُبع مراراً وتُرجم إلى لغات عدّة في أقلّ من سنة واحدة. ولم يُحدِث كتابٌ عربيّ في القرن العشرين، الضجّةَ التي أحدثها هذا الكتاب الذي قيل فيه إنّه سيطوّر النظرة العربية إلى تاريخ العرب وإلى حاضرهم تطويراً عميقاً. وقد رأت هذه «الدار» أن تُثبت في خاتمة هذا الكتاب نماذج قليلة من آراء العلماء والأدباء والقراء فيه، للفائدة والتاريخ. وإن هذه ا«الدار» إذا تقدّم للشعوب العربية والشرقية هذا الكتاب العبقريّ الذي تجتمع فيه النظريات الفلسفية العميقة، إلى الدراسة التاريخية الموضوعة تحت أنوار ساطعة جديدة، إلى الشاعرية المبدعة الخلاّقة، إلى الأسلوب الساحر الجذاب الذي قلّما يجاريه أسلوبٌ قديمٌ أو حديث، إلى النّفَس الطويل القويّ الذي يُنهي الألوف من الصفحات بالقوّة التي يبدأها بها، تُعاهِدُ قرّاءها على أن تستمرّ في أن تقدّم لهم كلَّ رائع من آثار الفكر العربي والعالمي التي يحتاج إليها العرب اليوم أشدَّ الحاجة.
الناشرون
عبقرية يفخر بها العرب
وممّا كتبه الاستاذ إحسان توفيق ـ مصر:
عرفتُ جورج جرداق لأول مرّة في سهرة على شاطىء بيروت، فخلتُ أنني أجالس شاعراً وموسيقيّاً ورسّاماً وفيلسوفاً مجتمعين في شخص واحد. ففي شعر جرداق كلُّ ممّيزات هؤلاء، وفي صوته العميق كلُّ أحلامهم، وفي عينيه كلُّ ما يعيشونه من أفكار وأحاسيس وجمالات.
وقرأتُ كتابه الأول «فاغنر والمرأة» فثبتت لي صحّةُ ما رأيت. وتمثّل لي جرداق في كلّ سطر من سطوره، وفي كل عبارة مِن أسلوبه الساحر الفريد الذي يستولي على مشاعر القارىء المثقّف بما فيه من صُوَر وألوان وأنغام تختلف بين الرقة والحنان والصَّخَب والعُنف.
ثم قرأتُ «الإمام علي» فإذا جرداق يبسط جناحيه في آفاق أوسع أرحب، وإذا بي أشعر بأنّي أمام عبقريّة من حق العرب أن يفخروا بها
... وفي هذا الكتاب، تبدو شخصيّة عليّ بن أبي طالب غير الشخصيّة التي ألِفنا معرفتَها عن طريق جميع الذين درسوا عليّاً مِن القدماء والمعاصرين!
النيل والفرات:
إن تاريخنا هو صفحات رائعة من الإشراق الإنساني العظيم تشرفنا كمسلمين وكعرب، كما تضيف شرفاً إلى تاريخ الإنسان. وقد صنع هذا التاريخ عظماء لنا فيهم وفي حياتهم معين لا ينضب من الخبرة والعبرة والإيمان والأمل، فهم القمم التي نتطلع بشوق ولهفة إليها.
وهذا الكتاب هو مكرس لحياة عظيم من عظماء البشرية، أنبتته أرض عربية، ولكنها ما استأثرت بهن وفجّر ينابيع مواهبه الإسلام، وكان لحياته الفذّة أن تلهب روح كاتب مسيحي في لبنان، وفي العام 1956، فيتصدى لها بالدرس والتمحيص والتحليل، ويتغنى تقني الشاعر المتيم بمفاتنها ومآثرها وبطولاتها. وبطولات الإمام ما اقتصرت يوماً على ميادين الحرب، فقد كان بطلاً في صفاء بصرته، وطهارة وجدانه، وسحر بيانه، وعمق إنسانيته، وحرارة إيمانه، وسموّ دعته، ونصرته للمحروم والمظلوم من الحارم والظالم، وتعبده للحق أينما تجلّى الحق. وهذه البطولات، ومهما تقادم بها العهد، لا تزال مقلعاً غنياً نعود إليه اليوم وفي كل يوم كلما اشتد بنا الوجد إلى بناء حياة صالحة، فاضلة.
إنه يستحيل على أي مؤرخ أو كاتب، مهما بلغ من الفطنة والعبقرية، أن يأتيك حتى في ألف صفحة بصورة كاملة لعظيم من عيار الإمام علي، ولحقبة حافلة بالأحداث الجسام كالحقبة التي عاشها. فالذي فكّره وتأمله، وقاله وعمله ذلك العملاق العربي المسلم بينه وبين نفسه وربما لِممّا لم تسمعه أذن ولم تبصره عين. وهو أكثر بكثير مما عمله بيده أو أذاعه بلسانه وقلمه. وإذ ذاك فكل صورة نرسمها له هي صورة ناقصة لا محالة، وقصارى ما نرجوه منها أن تنبض بالحياة.
إلا أن العبرة في كتاب من هذا النوع هي في تفحص ما اتصل بنا من أعمال علي وأقواله، ثم في تفهمه تفهماً دقيقاً، عميقاً. ثم في عرضه عرضاً تبرز منه صورة الرجل كما تخيله المؤلف وكما يشاء أن تتخيله، واليقين أن جورج جرداق، مؤلف هذا السفر النفيس، ربما في قلمه من لياقة، وما في قلبه من حرارة، وما في وجدانه من إنصاف، قد نجح إلى حد بعيد في رسم صورة لابن أبي طالب لا تستطيع أمامها إلا أن تشهد بأنها الصورة الحية لأعظم رجل عربي بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
إذن فهذا هو النص الكامل لهذا السفر الذي أعدّه الأديب الكبير جورج جرداق عن الإمام علي بن أبي طالب. وحيث أن الكتاب الذي صدر منذ حين وحدث ضجة كبرى إذ تلقته الملايين من القراء بالإعجاب والإكبار، وترجم إلى اللغات الفارسية والهندية والإنكليزية، ونقول، وبسبب ذلك كله دفع المؤلف بهذه الدراسة الموسوعية بكاملها للنشر. وهنا لا بد من إثبات فصولها جميعاً بالترتيب الذي وضعه لها أصلاً قصد التدرج المنطقي بالبحث، مما اقتضى بالضرورة أن يبدأ الجزء الأول من هذا السفر ببعض الفصول التي نشرت في الكتاب التمهيدي السابق ولا سيما الفصول الأولى التي تعتبر إطاراً تاريخياً لا بد من الاستهلال به كي لا يبتر شيء من فصول هذه الموسوعة. أضف إلى ذلك أن هذه الفصول ذاتها منقحة وموسعة ومضاف إليها كثير من البحث والرأي الجديدين، مما يوجب إثباتها، وبعد ذلك تبدأ في هذا الجزء بالذات، الأبحاث الجديدة التي تنشر لأول مرة وتستمر حتى آخر أجزاء هذا السفر.
أما ما يحتويه هذا السفر من الأبحاث الجديدة في أدب الدراسات العلوية، فقد أشار إليه المؤلف في مقدمته الراثية، ومنها الأبحاث القيمة التي تستهدف الكشف عن تماسك شخصية الإمام علي. والمقابلة الممتعة بين الإمام علي وسقراط عظيم فلاسفة اليونان، في فلسفة الأخلاق وما إليها. ثم ما يمثله عليّ من أسباب العدالة الكونية الشاملة القائمة بذاتها. وتتبع معنى (الإنسان) في إنسانيات العصور جملة تمهيداً لتجلية هذا المعنى عند أبي طالب، ولمقابلة بين علي ومفكري العصور في أكثر من جانب إبرازاً لمكانة هذا البطل العظيم العربي المسلم بين أولئك الأبطال، ثم ذلك البحث الخلاق الذي يضع المبادئ العلوية موضع المقابلة مع مبادئ الثورة الفرنسية الكبرى بنصوصها الكاملة، وهو من أعمق وأدق الأبحاث التي عالجها أديب عربي حتى الآن. تليه أبحاث واسعة في موضوع الإمام علي والقومية العربية.
من هذه الدراسات الجديدة أيضاً بسط أحوال الناس بكل طوائفهم في عصر الإمام علي وفي ما تلاه من عصور بسطاً مبنياً على نظر جديد في دراسة تاريخنا، ثم أتى الإمام علي في تاريخ الأدب العربي وفي توجيه الروح العربي. تلى ذلك أبحاث واسعة في معنى التشيع في تاريخ الشرق والرد على المؤلفين الذين بحثوا هذا الموضوع بأسلوب تقليدي متوارث لم يُجلّ حقيقة. ومنها تلك الفصول التي ينتقد بها المؤلف أسالب الباحثين العرب والأجانب عندما يعالجون القضايا الهامة في أحداث التاريخ العربي ويفسرون أخباره. ثم استعراض لجميع المؤلفات التي وضعت عن علي في لغة العرب ولغات الأجانب.
___________________________________
المقدمة
يرى المؤلف في المقدمة الأدبية الرائعة التي قدم بها كتابه، أنّ في تاريخ الشرق، كما هي الحال في تاريخ البشر جميعاً، غزاة ومجرمين وأغبياء وتافهين، شاء منطق العصور القديمة والمتوسطة أن يجعل منهم في حياتهم ملوكاً وقادة، وأن يصنع منهم بعد هلاكهم أبطالاً وعظماء. لذلك جاء هو بهذا الكتاب ليعلّم فيه بشخصية عظيمة حقّاً، وليثبت أن في تاريخنا أيضاً صفحات رائعة من الإشراق الإنساني العظيم تشرّفنا كعرب، كما تضيف شرفاً جديداً إلى تاريخ الإنسان. وإنّ مثل هذه الصفحات المشرقة في تاريخنا تؤهلنا لأن نعيد النظر في أنفسنا من جديد، تحطيماً للكثير من القيود التي كبّلتنا في عصور الظلمات الطويلة، وتمجيداً للبطولة الحقيقية التي هي بطولة فرد من الأفراد، أو جيل من الأجيال، في سبيل الإنسانية بأسرها.
أقسام الكتاب
وقد قسم جورج جرداق دراسته العظيمة هذه إلى خمسة مجلدات خصّ كلاً منها بموضوع قائم بذاته، وإن كان يصبّ في النهاية في التيار الواحد لموضع الدراسة الرئيسي.
علي وحقوق الإنسان
بدأ المؤلف دراسته في كتاب «علي وحقوق الإنسان» مستشهداً بعديد من النصوص التي وردت على لسان الإمام نفسه، ثم واصل كتابته الرائعة عن الطبقية المادية في الناس موضحاً أنّ عليّاً رأى أنّ هذه الطبقية تؤدي إلى غايات منكرة من الجمود في العقل، والخبث في النفس، وإلى التعسف والنكاية، والفجور في الحكم، وإلى الاجرام البشع من الجانب المنكب على طلب الجاه والثروة، ثم إلى البعض والحسد في الجانب الآخر الذي يذهب جهده لسواه. وفي الجانبين تستقرّ العوامل المؤدية في النهاية إلى انهيار المجتمع حتى أن طبقتَي المجتمع هاتين ما هما إلاّ فكّان طاحنان تنسحق بينهما الحقوق والكفاءات وتتمزق الضحايا.
إنّ المجتمع في نظر علي بن أبي طالب، كما نراه في هذا الكتاب، جسد واحد لا يجوز أن يجمع المتناقضات وأن يقوم نظامه على التفاوت في الحقوق والواجبات. لا يجوز في مجتمع علي بن أبي طالب أن يتخم عضو ويجوع آخر، وأن يعمل عضو وتعود المكافأة بالأرزاق على غير العوامل.
http://arab-unity.net/up/view.php?file=60d26487de
علي والثورة الفرنسية
بعد أن ينهي المؤلف دراسته الرائعة الواسعة للمجتمع في كتاب «علي وحقوق الإنسان»، يقوم في المجلد الثاني بعرض مقابلته الهامّة بين مبادىء الثورة الفرنسية وما تحمله من الأسس العامة لحقوق الإنسان الطبيعية، وبين تعاليم عليّ وما تحمله من مثل هذه الأسس. وقد أعطى المؤلف في الفصول الأولى من هذا المجلّد صورة رائعة جداً عن حركة الإنسانيات القديمة والمتوسطة والحديثة في اتجاهها البطيء الحازم نحو حماية الإنسان من الظلم والعبودية، ونحو تحريره.
ومجلد جورج جرداق الثاني هذا، علي والثورة الفرنسية، إنّما يوضح بكلّ جلاء، وبأبدع بان يمكن للقلم في هذه الدنيا أن يجري به، أنّ المبادىء التي عاشها أدباء الإنسانية ولم تأخذ صيغتها القريبة من الكمال إلاّ في عقول أدباء الثورة الفرنسية الكبرى وفي قلوبهم، إنّماه هي مبادىء فكَّر بها منذ أربعة عشر قرناً عملاق العقل العربي علي بن أبي طالب، وصاغها صياغة صريحة تعلن عن نفسها جوهراً في كل حين، ونصاً وجوهراً في أكثر الأحيان.
http://arab-unity.net/up/view.php?file=eaa23c2192
علي وسقراط
بدأ المؤلف مقابلته الممتعة في المجلد الثالث «علي وسقراط» بذكر نصّين محورين في مبدأ كل من علي وسقراط. ثم قسم وجوه الشبه بين الرجلين قسمين رئيسيين: الأول عام، والثاني خاص.
وبعد دراسة طويلة شيقة عميقة، ينتهي المؤلف إلى هذه النتيجة، وهي أن الفضائل في مذهب كل من الحكيمين، حكيم أثينا وحكيم الكوفة، لها غاية أساسية واحدة هي: إسعاد الفرد والجماعة بالخير، وإرساء المسلك البشري على قواعد ثابتة من معرفة الحقّ التي هي اساس كل فضيلة، والدليل إلى الخير.
http://arab-unity.net/up/view.php?file=644adacd69
علي وعصره
يبدو طابع التاريخ السياسي بالمعنى المحدد لهذه الكلمة اكثر وضوحاً في المجلد الرابع «علي وعصره» الذي يعرض فيه المؤلف كل الصراعات والقضايا المتشابكة التي عجّ بها ذلك العصر. وقبل أن يستعرض تفاصيل المؤامرة الكبرى ضد عليّ، يلقي الأضواء على حقيقة ا لبيت الأموي صاحب المبادرة في هذه المؤامرة، كما يقدم مقابلة هامّة بين نفسية الأمويين ونفسية خصومهم، وهما قطبان أساسيان من أقطاب الصراع بذلك العصر، في تلك الحقبة البعيدة.
ومن أهم ما جاء في هذا المجلد: التقييم الذي وضعه جورج جرداق لحقيقة الإسلام من النانحية الاجتماعية، ثم لموقفه الثوري من نظام عصره وأحوال المستبدين والوجهاء، والمستعفين والفقراء. وفي ذلك يرى المؤلف أنّ الإسلام كان باعثاً على يقظة عظيمة بعد غفلة عاش فيها العرب أجيالاً طوالاً.
وإنّه ما تمكّن وانتصر إلاّ لأ نّه كان ثورة اجتماعية في الدرجة الأولى، أبرز ما فيها ذلك النظر الكثير الذي نظره الإسلام في حال الطبقات غنيّها وفقيرها، ظالمها ومظومها، فاجتثّ من أسباب التفاوت الطبقي ما تقبله المرحلة التاريخية التي كان فيها يومذاك، وما يقبله الإطار المكاني كذلك. وخفّف من وطأة الاستغلال على العرب ما هو في نطاق زمانه. ويرى المؤلف أنّ العهد الأول القصير من عهود الإسلام كان من أغنى عهود الإنسانية في شرف النفس والضمير، وفي المشاعر الحية التي تجعل من الإنسان وحدة كاملة تحس وتفكر وتقول وتعمل فلا تجد العمل والقول والتفكير والاحساس إلاّ وحدة لا تتجزأ، ثم في الإخلاص لمبادىء تلك الثورة الاجتماعية إخلاصاً يبلغ حدّ التضحية في أغلب الأحيان.
ويعرض المؤلف في هذا المجلد الرابع. تاريخاً دقيقاً مستفيضاً للمؤامرة في الاسلام، ويعالج معاجلة تحليلية فاحصة حادث مقتل الخليفة عثمان بن عفان، كما يسرد بالتفصيل قصأ المؤامرة الكبرى على الإمام عليّ. ويرى المؤلف انّه من الخطر على التفكير السليم بالنسبة للتاريخ الإسلامي أن ينشأ في بلادنا من يعللون الحوادث العامة الكبرى المتصلة اتصالاً محكماً وثيقاً بطبيعة الجماعة وأسس الانظمة الاقتصادية والاجتماعية، بإرادة فرد من الأفراد. ويبدي كذلك استغرابه من وقوع الباحث أحمد أمين في مثل هذا الاغلاط، خاصة حين رأى في أبي ذر الغفاري مجرد رجل ساذج يقوده عبدالله بن سبأ ويغريه باراء مزدكية يعينه على خراب البلاد، وكأن ضرورة وضع حدّ لفجور الأغنياء وبؤس البؤساء رأي مزدكي وليس رأياً إسلامياً وموقفاً إنسانياً خالصاً.
وفي ختام هذا المجلد، يحكي المؤلف في أسلوب ملحمي رائع، وفي إحساس أدبي نادر المثال، مصرع الإمام عليّ.
http://arab-unity.net/up/view.php?file=10c94c6b33
علي والقومية العربية
يرى المؤلف العبقري جورج جرادق، أنّ أعظم ما قدمه علي بن أبي طالب للقومية العربية، هو توجيهه السياسة لمصلحة الشعب وحده، وأنّ أول المبادىء العلوية التي خدمت القومية العربية، وتخدمها في كل عهد من عهودهاِ، وفي كل حركة من حركاتها، هو تعطيل كل مبدأ وكل فكرة تؤول إلى الاستبداد السياسي.
ولعل أروع ما مهر به علي القومية العربية، وعبر به عن خفايا الصفات الإنسانية في الشخصية العربية هو، في نظر جرداق، الكشف عن مبدأ ثورية الحياة وقابلية الأحياء للتطور والانتقال من حال إلى حال، ثم التعبير عن هذا المبدأ تعبيراً صريحاً لا يحتمل التأويل، والعمل الواضح على هذا الأساس. واستناداً إلى هذه النظرة التطورية، يكون كل ما لدى الإنسانية من عقائد ونظريات وفلسفات وأنظمة وشرائع ومعارف، مراحل تعليمية تمهّد لما بعدها، ولا يمكنها أن تأخذ صفة الدوام المطلق والبقاء السرمدي.
أما أروع ما في هذا المبدأ الذي كشف عنه المؤلف في شخصية الإمام عليّ، فهو أنّه يرى أنّ هذه الثورية الدافعة إلى التطور أبداً، إنّما هي ثورية خيّرة تنقل البشر أبداً من حال إلى حال أفضل. إن مبدأه هذا يوحّد ثورية الحياة وخير الوجود روحاً ومعنى. وفي كلمة واحدة: الثورية في المبدأ العلوي وكما يكشف عنها المؤلف الفذ، هي تطور لا يهدأ في سبيل الخير.
وفي ما يتعلق بعليّ والقومية العربية عموماً، فإنّ في عصرنا هذا الذي بلغ فيه تعاون الشعوب في الوحدة الإنسانية الشاملة مبلغاً كبيراً، ما يلقي نوراً ساطعاً على عبقرية الخط العلوي في المفهوم القومي الإنسني الذي يعزّ القومية ويعطيها معانيها الصحيحة، على أنّها لبنة في صرح الإنسانية، أو ملامح شعب، بين مجموعة من الشعوب المتعارفة المتآخية. ذلك الخطّ الذي ربطه علي بأعمق ما في الشخصية العربية، وبأعمق ما في الشخصية الإنسانية، في أعماله البطولية التي تنطلق عن الروح العربية، وتهتدي بالكون، وتريد الإنسانية مسرحاً لها.
http://arab-unity.net/up/view.php?file=45bed8b5e9
منقول